طرق الموت في الشمال والجنوب: تزايد في اعداد الحوادث والقتلى

تفتقد معظم المناطق اللبنانية الى أدنى شروط السلامة المرورية، وهي باتت تتعايش مع حوادث السير على أنها قدر لا بد منه، فيما الدولة تنشغل في جمع مال محاضر الضبط المتعلقة بالسرعة وحزام الأمان، من دون أن تتخذ إجراءات أكثر على صعيد الوقاية، أو أن تحرّك ساكنا حيال ألأوتوسترادات والطرق التي تغزوها الحفر والأخاديد، وتفتقد للإشارات الضوئية ولوحات تحديد السرعة والاتجاهات، ما يجعل منطقة الشمال تحتل المرتبة الثانية في لبنان من حيث حوادث السير، وفي المرتبة الأولى من حيث سقوط الضحايا، اما منطقة الجنوب فتبرز فيها خطورة الحوادث التي تتسبّب بها حافلات نقل الركاب.
في طرابلس يبدو أن حوادث السير بدأت تفرض نفسها كأمر واقع على المدينة التي يحدّها من الجنوب «كوع الجماجم» في أنفة، ويدخلها الناس عبر «جسر الموت» في البحصاص، أو عبر «طريق الحوادث» باتجاه الميناء، ويخرجون منها عبر أوتوستراد المنية الذي يبدأ من دير عمار وينتهي في العبدة في عكار، فضلا عن وجود نقاط عدة تتخذ من الموت ومصطلحاته أسماء لها، نظرا لكثرة وقوع حوادث السير عليها، وما ينتج منها من قتلى وجرحى فاق عددهم أضعاف من سقطوا في جولات العنف والإشكالات الأمنية التي شهدتها طرابلس والشمال على مدار ثماني سنوات.
وجاء مؤتمر «السلامة المرورية في الشمال» الذي نظّمه مشروع إحلال الأمن والاستقرار بتمويل من الاتحاد الأوروبي في غرفة التجارة في طرابلس، وهو من ضمن سلسلة مؤتمرات تنظَّم في المحافظات اللبنانية للاضاءة على حوادث السير، ليكشف أرقاما مخيفة عن تلك الحوادث في طرابلس وأقضية الشمال وعكار. اذ قدم خبير السلامة المرورية في المشروع كامل إبراهيم دراسة تفصيلية أشار فيها الى سقوط 225 قتيلاً و2000 جريح نتيجة حوادث السير في عامي 2013 و2014 وهي الحوادث التي أجرت قوى الأمن الداخلي تحقيقات فيها وتم تسجيلها في مفارز السير شمالا.
وتشير الدراسة الى أن منطقة الشمال عموماً شهدت في العام 2014 فقط، 796 حادث سير أي ما يشكل 16% من حوادث السير في لبنان، إضافة الى سقوط 123 قتيلاً أي بنسبة 19% من القتلى على مستوى لبنان، و1129 جريحاً أي بنسبة 18%.
ويتوزع القتلى على الشكل التالي: 44 قتيلا في عكار، 18 في طرابلس، 23 في الكورة، 19 في البترون، 12 في الضنية ـ المنية، 6 في زغرتا و 1 في بشري، وهناك 71% من القتلى من الذكور، و29% من الاناث، و67% منهم لبنانيون، و30% سوريون، و3% من جنسيات مختلفة.
وتشير الدراسة أيضا الى أن أكثر حوادث السير تقع في أيام الاثنين والجمعة والسبت من كل أسبوع، وبين الساعة الثانية عشرة ظهراً والساعة التاسعة ليلاً، وأن أكثرية الضحايا هم من السائقين بنسبة 39% من القتلى و47% من الجرحى، وأن 51% من القتلى هم من الفئة العمرية بين 18 و44 سنة، و18% من الأطفال.
وحددت الدراسة أخطر النقاط على صعيد حوادث السير المميتة في محافظة الشمال، كما قدمت سلسلة من المقترحات للحد من حوادث السير تتعلق بجعل السلامة المرورية أولوية لدى المؤسسات والإدارات الرسمية، وتفعيل عمل القوى الأمنية، وصيانة الطرقات والاهتمامات بكل الإشارات المتعلّقة بالسير.
صيدا
في صيدا استضافت أمس، بلدية المدينة مؤتمراً حول السلامة المرورية نظّمه «مشروع إحلال الأمن والاستقرار» أيضاً، بالتعاون مع البلدية وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، قدم خلاله خبير السلامة المرورية كامل إبراهيم عرضاً مفصّلاً عن واقع حوادث المرور في محافظتي الجنوب والنبطية، معتمداً على تحليل قواعد بيانات حوادث المرور في الأعوام الأربعة الأخيرة، وأشار إلى ارتفاع أعداد الحوادث والجرحى بنسبة 20% من العام 2011 حتى 2014 فيما ارتفعت أعداد الوفيات الناتجة عن حوادث المرور بنسبة 70% في الفترة عينها. وهذا دليل على ازدياد نسبة الحوادث في المحافظتين التي تحصد أكثر من 100 قتيل و1000 جريح سنوياً.
وقد اظهرت الإحصاءات أن حوادث المرور في محافظتي الجنوب والنبطية تشكل 15% من اجمالي عدد الحوادث في لبنان والجرحى 14% أما نسبة القتلى فتشكل 16%.
ويشكّل السائقون النسبة الأعلى ما بين 45% من القتلى و50% من الجرحى، والمشاة ما بين 25% من القتلى و15% من الجرحى. وتتركّز الضحايا بشكل أساسي في صيدا وصور والنبطية ومعظم القتلى يسقطون على الطريق الساحلي (طريق عام صيدا صور) وطريق الزهراني النبطية.
وأشار إبراهيم إلى خطورة الحوادث في الجنوب التي تتسبّب بها حافلات نقل الركاب، إضافة إلى الحوادث التي تحصل مع العائلات. وعدّد أسباب حصول الحوادث وأبرزها السرعة، الواقع السيئ للطرق، استخدام الهاتف، الإرهاق والنعاس، غياب ممرات المشاة.