صرخة والد فقد ولديه في حادث سير مروع
"أقول للشباب أن يُشفقوا على أنفسهم وعلى أهلهم، فالسرعة وعدم الخبرة هما من أهم أسباب الحوادث المميتة". ألوالد هو إيلي سليمان، وولداه الضائعان في غياهب الموت هما : نيكولا (18سنة) وأندي(17سنة).
نشرة اليازا العدد 5، الخميس 17 آيار 2007.
.jpg)

نيكولا واندي سليمان
ليل الخميس 16أب (أغسطس)2001، لم تكن تلك الليلة ليلة عادية لآل سليمان في جديدة مرجعيون، بينما كان نيكولا وأندي في طريق عودتهما إلى المنزل من قرية برج الملوك التي تبعد خمسة كيلومترات عن منزلهما، يتعرضان لحادث سير مؤسف حين اصطدمت سيارتهما بحائط!.. يموت أندي على الفور، أما نيكولا فيدخل في غيبوبة متأثراً بارتجاجات في الدماغ ليلحق أخيه بعد أسبوع في مستشفى الجامعة الأميركية.
يتحدث الوالد إيلي سليمان عما حصل فيقول :"لم ولن نعرف الأسباب الحقيقية للحادث لأنها ذهبت مع نيكولا وأندي إلى الأبد، ولكن نشك أن أحد السائقين كان يقود بعكس السير، وبالطبع تفاجأ به نيكولا الذي كان يقود السيارة على سرعة عالية على ما يبدو فحصل ما حصل.
إذاً نيكولا وأندي إسمان جديدان يضافان إلى سجل ضحايا حوادث السير في شهر آب (أغسطس) الذي قد يصح تسميته بامتياز "شهر الموت في حوادث السير" ويتمنى والدهما بصدق ومن أعماق قلبه أن يكونا عبرة لسواهما من الشباب لا سيما في عمر المراهقة الذي يعتبره من أخطر المراحل في حياة الشباب ويقول: "في هذه المرحلة يكون الشاب بحاجة كبيرة الى الصلاة والتوجيه".
على من يلقي الوالد اللوم في حادثة ولديه، وفي حوادث السير عموما ؟ يجيب إيلي سليمان على السؤال قائلاً :"هناك عدة عوامل وأسباب أهمها وأولها السرعة في القيادة، وثانيها عدم التقيد بإرشادات السير وعدم استمرارية مراقبة تطبيق الأنظمة والقوانين وعدم فرض السلطات المسؤولة غرامات صارمة على المخالفين. فلا بد من إيجاد العقوبات الرادعة لمخالفات السير بدل الإكتفاء بغرامات زهيدة، إضافة إلى المواظبة على صيانة الطرقات وضرورة مراقبة المعاينة الميكانيكية بشكل دقيق للسيارة وعدم الإكتفاء بدفع الرسوم في المصرف، وكذلك التشدد في مراقبة وضع أحزمة الأمان التي لها دور هام جداً في تخفيف حدة نتائج الحادث. فولدي نيكولا كان قد تعرض في أواخر تموز (يوليو) الماضي لحادث سير وأنقذه حزام ألامان يومها من الموت".
وعندما تسأل الوالد إيلي عن نصائحه للأهل يقول باندفاعِ من ذاق اللوعة والوجع وبحرقة قلبِ والدٍ يتمنى أن تكون مأساة فقدان ولديه درساً للآخرين يستحق التوقف عنده والتفكر به فيقول: "أعتبر أن حبي لولديَّ هو الذي قتلهما! فعندما كانا يطلبان مني السيارة، لم أكن أستطيع رفض طلبهما .لذلك، على جميع الأهل أن يضعوا العاطفة جانباً ويتشددوا مع أولادهم لمصلحتهم وأن يراقبوهم ويوجهوهم بحكمة وروية".
ويستدرك قائلاً "ولكن علينا كأهل أن نتكل دوما على الله لتكن مشيئته، فلو لم أعطهما السيارة، لكانا أخذاها من عند صديقهما أو من أي مكان آخر. فهذه الأعمار خطرة وتحتاج إلى الصلاة والتوجيه، وعندما يكون الشباب في نشوة وفرح عظيم يقود بسرعة كبيرة.."
ويوجه الوالد إيلي نداءاً للشباب بأن يطبقوا أنظمة السير وتعليمات الشرطي "فهو بمثابة أخ أو أب لكم ولا يعمل ضدكم بل لمصلحتكم وحفاظاً على أرواحكم وحياتكم وليس لمصلحة شخصية أو لأجل الغرامة المالية".
نيكولا مات، ولكن بعض أعضائه أحيت آخرين!..
بالرغم من الخسارة الفادحة التي لا تعوض، تسلح أهل الشابين، الوالد إيلي والوالدة نوال والأخت جويل، بإيمانهم بالله والاستسلام لمشيئته وبحب العطاء، ففي الأسبوع الذي كان نيكولا أثناءه يصارع الحياة والموت في مستشفى الجامعة الاميركية، بقي الأمل بشفائه السلاح الوحيد لأهله الذين كان عليهم اتخاذ قرار جريء: وهب أعضاء إبنهم نيكولا.
وفي ذلك قال الوالدان: "كان وضع نيكولا سيئاً للغاية منذ البداية، وقد أعلمَنا الأطباء بذلك، وبعد أسبوع من دخوله المستشفى أرتفعت حرارته وكذلك ضغطه، أعتبرنا ذلك مؤشر خير! ولكن سرعان ما فقد الطبيب الأمل في حياة نيكولا، فكان القرار: "وهْب أعضائه لإنقاذ حياة إنسان آخر"!...
عوامل عديدة دفعت بعائلة نيكولا إلى اتخاذ هكذا قرار: فوالدته تنتسب إلى إحدى الجمعيات لوهب الأعضاء، ونيكولا كان قد تعهد منذ فترة بوهب أعضائه. أما الباع الكبير في ذلك فكان لعمه طبيب القلب د. إميل سليمان الذي شجع العائلة انطلاقا من حاجة أناس آخرين سيعيشون بواسطة هذه الأعضاء.
ويضيف الوالد "إن الله هو الذي دفعنا إلى اتخاذ هذا القرار الصعب والذي يتطلب الجرأة والإيمان الكبيرين حيث كان علينا أن نوقع على وهب أعضاء ولدنا وهو لا يزال حياً. وقد تم وهب العينين والقلب والكلى والكبد من دون تحديد أي شروط تتعلق بالجنس أو الدين أو ما عدا ذلك، ونحن نرحب بالتعرف إلى المرضى الذين وُهِبَت لهم الأعضاء والتعرف إلى عائلاتهم إذا أرادوا ذلك".
الموت كان أسرع من سيارة نيكولا وأندي، فخطفهما في ربيع العمر من أحضان والديهما. لقد غاب نيكولا وأندي.. ومن له من الشباب الحي آذان مصغية فليسمع وليتَّعِظ!!..
عواقب السرعة على حياة الشباب
نشرة اليازا العدد 1، 24 نيسان 2007
من المعروف "علمياً" بأن الإنسان لا يتوقع حدوث ما يكرهه، ويستبعد فكرة الخطأ المؤدي إلى حادث يصيبه بمكروه، ويعتمد على تجاربه وانطباعاته السابقة أثناء القيادة، فكونه لم يتعرض لحادث سابقاً يجعله يستبعد هذه الفرضية.
فلا مكان ولا مجال للتفكير بأشياء غير محتملة في عقلنا الباطن، ولكن الواقع يفرض على العاقل توقع المخاطر وأخذها بالحسبان، واتخاذ أسباب الحيطة والحذر والقيادة وفق الأصول العلمية، وهذا ما ليس متوفراً لدى الشباب.
نشأت "جويل سليمان" في أسرة تتألف من والدين وأخوين يصغرانها سنا، عاشت العائلة حياة مستقرة، الى أن فوجعت بمأساة قلبت حياتها رأسا على عقب.فكانت الكارثة التي وقعت بتاريخ 6 آب 2001، في تلك الليلة خرج
"نيكولاالبالغ من العمر 17 عاما برفقة أخيه أندي إبن ال16عاما في نزهة بالسيارة .أحب نيكولا المركبات والسرعة في القيادة،لكنه لم ينتظر للحصول على رخصة السوق ولم يستمع لنصائح أهله بالتروي فأفرط في السرعة على طريق تنقص فيه سبل تطبيق القانون .
وفي تلك الليلة المشؤومة، كانت الأم تشاهد التلفزيون حتى ساعة متأخرة من الليل وهي تنتظر عودة ولديها إلى المنزل، ولكنها أبلغت بخبر الحادث. أسرعت "جويل" مع والديها إلى المشفى ليجدوا "أندي" قد مات و"نيكولا" في حالة سبات و غيبوبة خطرة لا تستجيب للعلاج.
وفي يوم جنازة "أندي" أُبلغ الأب أن حالة ابنه "نيكولا" لا تبشر بالأمل، وأمضت الأسرة الأيام التالية تدعو من أجله، ولكنه مات بعد أخيه بأسبوع، وقد تبين فيما بعد أن الشابين كانا يحاولان تفادي سيارة تندفع نحوهما من الاتجاه المعاكس، ونتيجة للسرعة ونقص الخبرة تدهورت سيارتهما واصطدمت بسور على جانب الطريق.
عندما تتحدث "جويل" إلى الشباب المراهق عن مخاطر القيادة بسرعة عالية، يجيب البعض: "نحن الذين نختار الموت"!! فتذكِّر هؤلاء المستهترين بأنهم إذا كانوا لا يُعيرون اهتماماً لأنفسهم، ، عليهم أن يتذكروا أحبائهم وألا يكونوا قساة القلوب، وأن يرحموا أمهاتهم وآبائهم وإخوانهم وأخواتهم وأصدقائهم وما ستؤول إليه حالهم من معاناة الأمرَّين والبكاء على فراقهم.
فينبغي على الشباب أن يتذكروا كل هؤلاء الأشخاص، إن فقدان "جويل" لشقيقيها الوحيدين غير حياتها للأبد، إنها تعيش الآن وحيدة مع والديها، وانضمت "جويل" لجمعية (تجمع الشباب للتوعية الاجتماعية "يازا" ) حيث نجحت الجمعية في مواساتها والتخفيف من بعض آلامها النفسية.
وبما أن جويل لن تستطيع استرداد أخويها أبداً فإنها تقول: (على الأقل يمكنني أن أساعد غيري من الشباب على تجنب الكارثة التي ألمت بي وبعائلتي، كما أنني فخورة بعملي التوعوي مع جمعية "يازا" ، وأشارك في هذا النشاط دون أن أنسى أخوي الحبيبين).