عاقبوا المستهترين بحياة الآخرين على الطرق
إلى متى يُقتل المواطنون في لبنان في حوادث المرور بدون رادع للجناة؟
حوالى الثانية عشرة ليلاً من يوم السبت الواقع في 25 أيار 2008، طلبتُ من شقيقي جاد الله البالغ من العمر 15 سنة، أن يذهب ويشتري ربطة خبز لنتناوَل الطعام معاً، وبينما كان يعبر الطريق في منطقة الأونيسكو قرب ساحة حبيب أبي شهلا المفتقرة إلى جسور المشاة، صدمته سيارة يقودها شاب في العشرينات من العمر، وقذفته لمسافة 50 متراً ومن ثم، نقَلَه الصليب الأحمر اللبناني إلى مستشفى بيروت الحكومي.

الشاب جاد الله بغدادي
أخي الآن في حالة غيبوبة كاملة منذ الحادث ويعاني من تلف في بعض خلايا الجهة اليسرى من الدماغ، وصدمة قوية على النخاع الشوكي أدت الى شلل في الجزء السفلي من جسده، وهناك ورم في الرأس، بالإضافة الى كسور ورضوض في سائر أنحاء جسده، بينما ذلك الشاب قد خرج من المخفر ظهر اليوم التالي دون سند كفالة بعد أن أفاد للمخفر أن سرعته لم تكن تتجاوز اﻠ 50 كلم\س فقط، وأنه اشتكى من كسر المرآة اليسرى لسيارته!
لأسباب لا أفهمها، لم يدّعِ أبي حتى الآن على ذلك الشاب الذي كان يقود سيارة والده، فوالديّ يقولان إننا لا نريد ثمناً لجاد، فقط نريده أن يقوم بالسلامة. ولكن ماذا عن ردع المتهورين ومعاقبتهم؟ هذا ما يجب توعية الناس بشأنه.
أخبرتُ أهلي انه لو كنت أنا من تعرّض للحادث، لما سامحتهم على عدم رفع الدعوى لسبب واحد وهو، ليس الطمع للحصول على الدّيّة لأن مال الدنيا لا يعادل ظفر أي شخص كان، ولكن لأن تكرار التنازلات من قِبَل أصحاب الحقوق ولفلفة القضايا الخطيرة بهذا الشكل، يشجع الناس على التمادي بالإستخفاف بحياة الآخرين، لا سيما ان وساطات وآراء من يدّعون الحرص على مصلحة جاد، تؤثّر في والدي وتدفعه للتراجع عن طلب تطبيق القانون وتحقيق العدالة.
أنا أدعو هنا عبر "اليازا" كل من يتعرض لهكذا حالة أن لا يتراجع قيد أنملة عن المطالبة بكامل حقه وأن يقاوم كل محاولات التدخل والوساطات المغرضة من أية جهة كانت، وعدم التنازل عن معاقبة المتهورين والمستخفين بأرواح الآخرين، وهذا فقط من شأنه أن يجعل المستهترين يفكرون ملياً في تصرفاتهم الرعناء ويعطيهم درساً بأن المال ليس كل شيء في هذه الحياة ولا ينقذهم من عبثهم بأقدار الآخرين، وبأن حياة الإنسان غالية جداً.
وطلبتُ من أهلي تأمين حياة أخي ومستقبله إذ إن الأطباء أفادوا أنه في حال نجاته، فسيكون بحاجة إلى إعادة تأهيل لمدة ثلاث سنوات على الأقل، وبأن هناك احتمال كبير بأن يعاني من إعاقة دائمة في الجزء الأسفل من جسمه، بالإضافة الى تخلف عقلي من جراء التلف الحاصل بالخلايا الدماغية.Δ
وسام البغدادي