ثلاثة وعشرون يوماً مرّت على بدء القوى الأمنية تطبيق عقوبات مخالفات قانون السير الجديد في الفئة الخامسة منها، بينما لم تزل حوادث السير القاتلة تزور يوميات اللبنانيين بشكلٍ مخيف، ما يسلّط الضوء على خللٍ ما يكمن في تطبيق هذه المخالفات.
قانون السير الجديد الذي يُفترض أن يبصر النور في نيسان المقبل، وهي الفترة النهائية لتطبيقه، بعد ان اعتبر مجلس شورى الدولة القانون نافذاً وموجب التطبيق منذ نيسان الـ2014. كل المعطيات تقول إن القانون الذي يبلغ عامه الثالث في الـ2015، غير جاهز ليبصر النور في بلد العتمة بعد في ظل عدم وجود قرار سياسي جدّي لحماية المواطنين من الموت على الطرقات.
شرعت القوى الأمنية بتطبيق عقوبات مخالفات قانون السير الجديد في الفئة الخامسة منها، بتاريخ 24 تشرين الفائت، على أن يتم اعتماد عقوبة السجن وتطبيق القانون الجديد بالكامل اعتباراً من نيسان الـ2015.
مخالفات الفئة الخامسة
هناك عدة مخالفات تأتي تحت الفئة الخامسة، التي قد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة تتراوح بين شهر أو سنتين، حجز المركبة، وغرامة مالية مقدرة بين المليون وثلاثة ملايين ليرة لبنانية. والشائع من هذه المخالفات:
* زيادة السرعة أكثر من 60 كلم من السرعة المسموح بها.
* قيادة المركبة تحت تأثير المخدرات أو الكحول بنسبة تتعدى الغرام في الليتر، أو رفض الخضوع لفحص الكحول.
* القيادة المتعرجة "between" أو ما يعرف بمناورات السرعة بين السيارات.
* سير الدراجة النارية على دولاب واحد، وإزالة كاتم الصوت عن العادم.
* قيادة سيارة تحت خانة الأنقاض.
* قيادة السيارة دون امتلاك "رخصة قيادة".
لا تطبيق فعلي
والسؤال الذي يفرض نفسه هل استطاعت الاجراءات، التي بدِئ تطبيقها منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، تخفيف نسب حوادث السير؟
أخبار حوادث السير اليومية لم تخف وتيرتها، وربما تسارعت في الفترة الأخيرة. لم يعرف اللبنانيون أن القوى الأمنية بدأت تنفيذ مخالفات الفئة الخامسة، لولا انتشار الخبر على إحدى وسائل الإعلام اللبنانية، ما يجزم بعدم تطبيق المخالفات المذكورة بشكل جدّي وفعلي. وفي هذا الخصوص كان لـ"البلد" حديث خاص مع كامل ابراهيم، أمين سر جمعية "اليازا"، التي تُعنى بشؤون السير والسلامة المرورية.
واقع غير مطابق
تدّعي الدولة أنها جاهزة لتطبيق قانون السير الجديد كاملاً في نيسان الـ2015. ولكن الواقع غير مطابق لهذا الإدعاء. يؤكد ابراهيم بأن الواقع يشير إلى أن الدولة اللبنانية ما زالت غير جاهزة لتطبيق قانون السير الجديد تطبيقاً فعلياً، نظرا للبطء بالتعاطي مع قانون السير الجديد، ونظرا لعدم وجود قرار جدي بتطبيق القانون في الـ2015.
فحتى اليوم "لم تقم وزارة المالية بتجهيز الطوابع الخاصة بالغرامات، وكذلك المكننة وآلية تبليغ المواطنين بالمخالفات، السجل المروري لكل شخص والذي على اساسه يتم سحب النقاط، إنشاء المجلس الوطني لسلامة المرور، وغيرها من التجهيزات التي يفترض بأن تكون موجودة ليتمكن القانون من الاستمرار في الحياة، وهي حتى اليوم ليست موجودة، فالقانون ضائع بين الوزارات".
لا قرار جدّي
ويشدّد ابراهيم على أننا نحتاج لقرار جدي، وقرار سياسي، لتطبيق قانون السير على الجميع دون استثناءات، ورفع المحسوبيات وإلا فلا فاعلية لتطبيق القانون، وبالتالي سنستمر بسماع الأخبار عن مقتل شبابنا الواحد تلو الآخر على الطرقات.
إهمال متعاقب
لا يحمّل ابراهيم قوى الأمن الداخلي مسؤولية التماهل بتطبيق قانون السير الجديد، بل الدولة اللبنانية بشكل عام، والحكومات المتعاقبة التي لا تعطي سلامة الانسان أولوية. متسائلاً : "كيف لمفرزة سير يُفترض أن يكون لديها200 عنصر لديها فقط 70، ويُفترض أن تكون مجهزة بعشر آليات ومجهزة بـ5 فقط، أن تطبق القانون؟"
حبر على ورق
فلا عديد ولا عتاد كافيان لتطبيق القانون حتى تاريخه، لافتاً إلى وجوب تمويل وتجهيز وتأهيل القوى الأمنية، وقيام الوزارات بواجباتها، وإنجاز المراسيم التنظيمية واللوجستية لقانون السير الجديد، والا قانون السير الجديد سيبقى مجرد حبرٍ على ورق، تتكرّر الفورة الإعلامية حوله بين الحين والآخر لتذكير الناس بأن هناك قانون سير جديدًا، ولكنه ما زال قيد الإهمال المتعاقب من الحكومات المتوالية.
على ناس وناس
في الأمس البعيد، واليوم، الكلام نفسه يتكرّر، والخوف من أن يتكرّر هو نفسه في المستقبل. فالقانون الذي أقرّ في الـ2012، وبعد ثلاث سنوات من إقراره، ما زالت الدولة اللبنانية غير جاهزة لتطبيقه إلا شكلياً، لا أمل في تطبيقه.
وفي حال تم تطبيقه في نيسان الموعود، فلن يستمر كثيراً على قيد الحياة، لأنه سيكون على "ناس وناس" ومناطق دون أخرى، كونه ولِد في دولة "محسوبيات"تفرض هيبتها فقط على الفقير، تغض الطرف عن صاحب المال، وتنحني لصاحب السلطة.