"ميكانيك الشمال": سمسرات وحرق أعصاب

توتر، حرق أعصاب، إشكالات، سماسرة، انتظار، وشتائم ... كلها تجتمع في ذاك الصف الطويل الذي يمتد على مسافة تقارب الكيلومتر، بإنتظار فرج الوصول إلى مدخل حرم مركز المعاينة الميكانيكية في الشمال. باتت المعاينة تشكل هاجسًا لأصحاب السيارات، الذين يتوافدون منذ ساعات الفجر الأولى لحجز دور في الصف، وإلا فإن أقرب الطرق هي عبر السماسرة، الذين يتحملون هذا العبء عنك مقابل بدل مادي تحت عنوان "هين قرشك ولا تهين نفسك".
يوميًا تقع إشكالات أمام المركز يفضها عناصر قوى الأمن الداخلي، الذين هم على تماس مستمر مع السماسرة وصبيانهم المنتشرين على الطريق العام بإنتظار زبون ما، فيما عملهم يقضي بإيقاف سيارات وهمية في الصف لإبدالها بسيارة من لا يرغب من الزبائن بالإنتظار مع إلحاح يكاد يشبه تدفيع الخوة، مترافقًا مع إشكالات بين السماسرة والزبون، وصلت إلى حد التقاتل بين السماسرة بعضهم مع بعض.
ودفع ذلك القوى الأمنية إلى التدخل لمعالجة الأمر، ما أدى إلى تدافع تدخلت إثره عناصر الجيش اللبناني التي عملت على توقيف عدد من السماسرة وملاحقة آخرين، ما انعكس إيجابًا في صفوف المواطنين.
ما يجري في مركز المعاينة لا يطال فقط المواطن الذي يريد إجراء المعاينة، بل انعكس سلبًا على الطريق العام التي تربط طرابلس بالضنية حيث هناك عجقة سير خانقة تستمر منذ ساعات الصباح الأولى وحتى العصر بالرغم من عمل عناصر قوى الأمن الداخلي الموجودة في حرم المركز وخارجه على تنظيمها بالتي هي أحسن، لكن اصطفاف السيارات على خطين لدخول المركز يجعل التنظيم من رابع المستحيلات، ما يؤدي إلى البقاء لنحو ربع ساعة لقطع مسافة تقل عن الخمسمئة متر، فيما يلزم من يريد إخضاع سيارته للمعاينة أكثر من أربع ساعات لقطع المسافة، وصولاً إلى مدخل المركز وإلى نحو ساعتين، ليصل إلى الأبواب الثلاثة المخصصة لفحص السيارة، ما دفع معظم المواطنين إلى الاتجاه نحو السماسرة الذين ازداد عددهم وباتوا يرفعون الأسعار بطريقة عشوائية.
وفي المتعارف عليه أن السمسار يعمد إلى أخذ السيارة مقابل 60 ألف ليرة أضف إليها المبلغ المحدد للمعاملة مع التصليحات التي تطرأ على السيارة والتي أكثريتها استبدال نمرة أو تربيعة أو أعطال ميكانيكية حسب شطارة السمسار وقدرته على التلاعب بالزبون الذي يضطر مكرهاً إلى الدفع مع أن سيارته حتى الساعات القليلة الماضية لم تكن تشكو من شيء.
أمس خلت الطريق المؤدية إلى مركز المعاينة من السماسرة بعد سلسلة مداهمات الجيش اللبناني حيث فضل هؤلاء التخفي بانتظار معاودة العمل لاحقاً مع انتهاء عملية المداهمات، ما انعكس إيجاباً على المواطن الذي تمكن من أخذ دور بالصف الطويل بدل تسليم سيارته لأحد هؤلاء وإبدالها بسيارة مركونة، فيما لسان حال المواطنين: لماذا لا يتم توسيع المركز ليضم أكثر من ثلاثة أبواب، لا سيما أن الإقبال يفوق القدرة على الانتهاء من معاينة السيارات التي ترد إلى المركز يوميا؟ أو لماذا لا يتم استحداث مركز ثان في الشمال ليتمكن من استيعاب هذا العدد الكبير من السيارات بدل البهدلة وتضييع الوقت والمال، لا سيما أن العديد من المواطنين باتوا يفضلون عدم إخضاع سياراتهم للمعاينة وبالتالي عدم دفع الميكانيك بالرغم، ما يرتب ذلك عليهم من غرامات؟
(حسناء سعادة - السفير)