قـانـون السيـر الجـديـد: 170 مخـالفـة.. وغـرامـة
جريدة السفير- زينب ياغي
ذلك الرجل في الصورة من نيو جرسي، كان يسير وسط إعصار «ساندي»، ويريد الوصول إلى منزله بأقصى سرعة. لكنه مع ذلك توقف عند الــشارة الحمراء. حــتى وهو وسط العاصفة، لم يسمح لنفسه بالتعدّي على ما ليس له.
وذلك الرجل من قوى الأمن الداخلي في لبنان، عذراً من رجال قوى الأمن، وجد لـــديه الحق في تحميل أغراض في سيارة تابــعة لقوى الأمن، ملك الدولـة اللبــنانية.
ما بين الرجلين، مسافة حضارية كبرى، هي تحديداً المسافة التي يجب قطعها في اتجاه الالتزام بالانتظام الــعام، من دون تبجح. والانتظام العام جزء أســاسي من قيم السلوك، إذا توافر تكون متوافــرة، وإذا غـاب تصـبح غائبة.
وما بين الرجلين ما هو أشد خطورة بعد، سيدة لم يتح التقاط صورة لها، لكن مشهدها معتاد على الطرق، تتحدث على الهاتف، وهي تجلس بجانب زوجها في المقعد الأمامي للسيارة، وطفلها في حضنها، يمد رأسه ويديه من نافذة السيارة، مع معرفتها بأنه ممنوع عليها وضع طفلها في المقعد الأمامي، وإنما وضعه في كرسي الأمان في المقعد الخلفي.
وإلى جانب السيدة يمر يومياً رجال على الدراجات النارية وهم يضعون أطفالهم أمامهم وخلفهم في رحلة توصيلهم إلى المدرسة، ويعرف هؤلاء جميعاً أن حياة أطفالهم ليست ملكهم. لا تفوق قيادة الســيارات خطورة في لبنان، إلا حالة الحرب، يخـــرج منها سالماً من يريد التروي، ويعلــق فيها من يريد دخول المغامرة. صدر قانـــون السير الجديد، بعد سبعة أعوام عجاف من النقاش.
ولو قرأ كل سائق سيارة القانون، لاكتشف أنه بالكاد يطبق عشرة في المئة منه، فلا السائق يعرف القانون، ولا شرطة السير تعرفه.
لقد أوجد القانون الجديد التشريعات المعاصرة، من أجل سلوك الطريق إلى نهاية الحرب، كما أوجد المقومات اللازمة للتنفيذ. لكن التنفيذ يحتاج إلى رجال ونساء في سدة المسؤولية، وعلى قدر المسؤولية.
فالواقع أن أول خرق لقانون السير مارسه الموجودون في السلطة من رؤساء ووزراء ونواب، عندما رفضوا المساواة في أرقام اللوحات مع المواطنين، وأصروا على بقاء الأرقام الخاصة بهم. كاد عنادهم خلال نقاش مشروع القانون يوقف إصداره، فتم الرضوخ لإرادتهم والإبقاء على الأرقام الخاصة، مثلما سبق ذلك إصرارهم لدى إقرار سلسلة الرتب والرواتب على الاحتفاظ بالزيادة المالية المخصصة لهم، وهم يبكون على فقدان التمويل.
أسس تشريعية تحتاج إلى تطبيق يقول مسؤول «جمعية اليازا» زياد عقل، وهو من أبرز الناشطين في وضع بنود القانون، إنه لو صدر مثيل له في بلد آخر غير لبنان، لكانت الورشة بـــدأت فوراً لوضـــع المراسيم التنفيذية له، ومن واجب وزارة الداخلية البدء بوضعها. واستناداً إلى التشريع، يوضح عقل، أصبحت آليات إجراء امتحان القيادة جدية وعملية، بعدما كانت شكلية، سواء تلقى المسؤول عن الامتحان رشى أو لم يتلق. وأصبح يترتب على كل طالب رخصة قيادة، إجراء امتحان نظري وعملي مع لجنة خبراء، تعد مطلع كل عام امتحانات سوق نظرية جديدة لكل فئة من الفئات، وتتألف اللجنة من موظفين من وزارة الداخلية من حاملي الإجازات الجامعية، وعناصر من قوى الأمن الداخلي خدموا في مفارز السير لمدة خمس سنوات على الأقل، ومتقاعدين من عناصر قوى الأمن من حاملي الإجازات الجامعية، ويشترط فيهم أن يكونوا من المشهود لهم بالكفاءة والانضباط.
ونص التشريع على إلزامية وضع كرسي الأمان للأطفال في المقــعد الخلفي للسيارة، ولم تكن موجــودة في القانون الــسابق، وإلزامية وجود حزام الأمان في المقعد الخــلفي أيضاً. ونظم حــمولة السيارات، خصوصاً الشاحنـات، التي تنقل حمولات زائدة من أجل تحصيل المزيد من الأرباح. ونـــظم الســـرعة، وأقر إنشـاء وحــدة مرور من عناصر قوى الأمن الداخلي، للمرة الأولى في لبنان. وحدة المرور للمرة الأولى يعتبر إنشاء وحدة المرور التي نص عليها قانون السير من أصعب المهمات في اتجاه تطبيقه. فحتى الآن يتم تدريب عناصر من قوى الأمن للعمل في السير، لكن يجري توزيعهم على مهمات أخرى، وخصوصاً لحراسة المسؤولين، في حين يبلغ عديد قوى الأمن نحو خمسة وعشرين ألف عنصر ومسؤول، من غير المعروف ما هي مهماتهم تحديداً. ويفترض أن تتعلم شــرطة السير، في معـــهد لقـــوى الأمن متخصص بالإعداد والــتدريـــب على ضابطة السير، وعلــم الحوادث، وعلى السلامة المرورية والقيادة.
لكن مصدراً أمنياً يقول إن قرار إنشاء وحدة مرور، لا يكفي من دون تعديل القانون 17 على 1990 المتعلق بتنظيم قوى الأمن الداخلي. ويوضح أن مجلس قيادة قوى الأمن يتألف حالياً من عشرة أعضاء، يتوزعون على الطوائف كالآتي: اثنان للسنة، واثنان للشيعة، واثنان للموارنة، وعضو واحد لكل من الروم الكاثوليك والروم الأرثوذكس، والدروز، والرئيس. كما توجد ثلاث وحدات تابعة لقوى الأمن هي: شرطة بيروت، ووحدة الدرك، وجهاز أمن السفارات والإدارات الرسمية. ولدى إنشاء وحدة جديدة، يترتب اختيار مسؤول لها من مجلس القيادة، الموزع على الوحدات الموجودة، فتحصل مشكلة، شبيهة بما حصل لدى قرار إنشاء شعبة المعلومات، ويطرح السؤال: لأي طائفة أو مذهب ستتبع وحدة المرور؟ يضيف المصدر أن عدد عناصر شرطة السير العاملة حالياً يبلغ سبعمئة وخمسين عنصراً، بينما يجب أن يكون ألف عنصر على اقل تقدير. وتعمل الشرطة على تنظيم السير فقط، بينما المطلوب منها تطبيق قانون السير، لأن هناك فارقاً بين الأمرين. ويبدو عقل أكثر تفاؤلاً، إذ يعرب عن أمله بوضع الوحدة المرورية قيد التنفيذ، لأنه سيكون لها أثر كبير في تطبيق القانون، لاسيما بعد تدريبها وإعطاء حوافز مالية لمن يخدم في السير، لأنه يعمل تحت المطر وحر الشمس، ويخـــتلف عمله عمن يوجد في المكتب. ويرى أن إنشاء الوحدة لا يتطلب توظيف عناصر جديدة.
مدارس قيادة ورخصة بالنقاط تغيرت شروط قيادة السيارة في القانون الجديد، فقد تقرر تحويل مكاتب تعليم القيادة إلى مدارس، على أن تحتوي كل مدرسة قاعتين، تخصص إحداها للتدريس النظري. وأوضح مدير المناهج في التعليم المهني والتقني طوني راشد أنه سيتم إنشاء فروع خاصة في مدارس التدريب المهني والتقني، بدءاً من العام الدراسي المقبل، يشترط على الطالب فيها أن يكون حائزاً شهادة بكالوريا قسم ثانٍ أو ما يعادلها. يتم تعليمه ضمن منهاج متكامل على قانون السير والإشارات، وقيادة السيارات والقاطرات، على أن يحمل لدى تخرجه شهادة خبير محلف في القيادة. ويجري العمل على وضع منهاج خاص للاختصاص الجديد، بالتعاون مع المقدمد جوزيف مسلم في وزارة الداخلية، وعدد من الخبراء المتخصصين بالسلامة المرورية وحوادث السير. أما الذين يدرّبون في مكاتب القيادة حالياً فلن يوضعوا طبعاً خارج الخدمة، وإنما سيتم تـــدريبهم، وإعطـــاؤهم تراخيص من أجل متابعة عمـــلهم. بعد التدريـــب، يمنح كل سائق رخصة قيـــادة، تتضمّن اثنتي عشرة نقطة كرصيد له. وينـــشأ لدى قوى الأمن سجل مروري ممكــنن لكل سائق، وتسحب النقاط بالتناسب مع المخالفات المرتكبة. وعندما يفقد السائق مجموع نقاطه، تفقد رخصة القيادة صلاحيتها، وتسحب منه لمدة ستة أشهر، يخضع خلالها السائق لدورة متخصصة في إحدى مدارس تعلم القيادة. ولدى تكرار فقدان مجموع النقاط خلال ثلاث سنوات، تسحب رخصة القيادة لمدة سنة، على أن يخضع المخالف للدورة المذكورة، ويعيد امتحان القيادة. وبعد مضي سنتين من دون ارتكاب السائق أي مخــالفة تؤدي إلى سحــب النقاط، تعاد إليه جميع النقاط المسحوبة.
مضاعفة الغرامات وتحديد مهل تضاعفت قيمة الغرامات على المخالفات، وحددت المهل المطلوبة لدفعها، قبل مضاعفتها مجدداً، وأصبحت كالآتي: مخالفة المشاة، عشرون ألف ليرة، ضـــمن مهلة الأيام الخمسة عشر الأولى لوضـــعها، وفي حال عدم الدفع ترتفع قيمة الغرامة إلى ثلاثين ألف ليرة في الأيام الخمسة عشر التي تليها. مخالفة الفئة الأولى، قيمة الغرامة خمسون ألف ليرة في الأيام الخمسة عشر الأولى، وترتفع إلى سبعين ألف ليرة في الأيام الخمسة عشر التي تليها. وتشمل ستاً وعشرين مخالفة، أبرزها: استخدام آلات التنبيه في السيارات غير العسكرية، ومخالفات الدراجات الهوائية. مخالفة الفئة الثانية، قيمة الغرامة مئة ألف ليرة، وترتفع إلى مئة وخمسين ألف ليرة، وتشمل مئة وثلاثاً وعشرين مخالفة، يرتكبها جميع السائقين، وأبرزها: عدم التزام السائق بالمسرب الأيمن من الطريق خلال السير العادي، وإخراج الرأس والجسم من السيارة أو الجلوس على نوافذها، والالتفاف وسط الشارع في المناطق المأهولة، والاقتراب من المشاة أو الدراجات أو الحيوانات، وعدم مراعاة قواعد اجتياز التقاطعات، وقواعد استعمال المنبه الصوتي، والوقوف في ممرات المشاة، والوقوف أمام مداخل الطرق المؤدية إلى أبنية عامة، والتوقف في الأماكن الخطرة، وتوقف الباصات في الأماكن غير المعدّة لها، (لا يوجد أماكن للباصات) ومخالفة استخدام الأضواء، وعدم وضع الأطفال في كرسي الأمان، ووجود زجاج حاجب للرؤية، وعدم وجود جهاز إطفاء، وواقي صدمات، وعدم التقيد بالشروط الخاصة بسيارات الأجرة والباصات، ومخالفة القواعد المتعلقة بالحمولة، وقطر مركبة معطلة بواسطة مركبة أخرى، وعدم وجود لوحات تسجيل، ورخصة سوق منتهية الصلاحية، واستخدام الدراجات الآليـــة على أرصفة المشاة، وركوب شخص خـــلف سائق الدراجة غير المزوّدة بمقعد خاص. مخالفة الفئة الثالثة، وقيمتها مئتا ألف ليرة، ترتفع إلى ثلاثمئة وخمسين ألف ليرة، وتشمل سبعاً وتسعين مخالفة، يرتكبها أيضاً جميع السائقين، وأبرزها: عدم التزام أقصى اليمين عندما تكون الرؤية غير واضحة، عدم التزام اليمين عندما تكون سرعة المركبة بطيئة، اجتياز الفاصل بين مسلك وآخر، تغيير مهم في السرعة أو الاتجاه من دون التأكد من وجود مخاطر، الصعود والنزول من المركبة والتعلق بها وهي في حالة السير، غسل المركبة وإصلاحها على الطريق العام، القيادة تحت تأثير الكحول بنسبة تزيد على صفر فاصل خمسة غرام، استخدام أجهزة الاتصال، عدم اعتماد الخوذة الواقية لدى سائقي الدراجات، مخالفة تعرفة أسعار النقل، عدم تخفيف السرعة لدى الاقتراب من وسائل النقل العام المتوقفة لإنزال الركاب، أو مناطق ورش الأشغال والمؤسسات التعليمية، عدم الالتزام باللافتات وقواعد استخدام الضوء، وضع طفل دون العشر سنوات في المقاعد الأمامية، عدم وضع طفل دون الخمس سنوات في كرسي الأمان، عدم استخدام حزام الأمان، عدم الامتثال فوراً لاشارات رجل الشرطة، وعدم تقديم المركبة للمعاينة القانونية في الوقت المحدد. مخالفة الفئة الرابعة، وقيمتها ثلاثمئة وخمسون ألف ليرة، ترتفع إلى أربعمئة وخمسين ألف ليرة. وتشمل اثنتين وأربعين مخالفة، أبرزها: اجتياز الخطوط المتواصلة، عدم التوقف للسماح بمرور المشاة أو الأشخاص المعوقين، عدم إعطاء الأفضلية للتلامذة، قيادة المركبة تحت تأثير الكحول بنسبة تزيد عن صفر فاصل ثمانية غرام، قيادة المركبة عكس السير، تجاوز السرعة المحددة بين أربعين وستين كيلومتراً، وعندما تكون الرؤية غير كافية ولدى المرور على الجسور والأنفاق الضيقة والمنعطفات ورؤوس المرتفعات، عدم الالتزام بالشارات الضوئية، رمي ما من شأنه عرقلة حركة المرور، السير ليلاً من دون استعمال الإنارة، الرجوع إلى الوراء لاسيما على الأوتوسترادات، إخراج دخان من المركبة، والحمولة التي تخل بوزنها، والقيادة من دون تسجيلها، وعدم الاتصال بالإسعاف أو الاستنكاف عن نقل المصاب. مخالفة الفئة الخامسة، وتشمل اثنتين وعشرين مخالفة، أبرزها: القيادة تحت تأثير الكحول بنسبة تتعدى الغرام، وتحت تأثير المخدرات، تجاوز السرعة المحددة بأكثر من ستين كيلومتراً، القيادة المتعرجة، حفر الطريق من دون ترخيص، إجراء سباقات على الطرق من دون ترخيص، تعطيل جهاز مراقبة السرعة، السير بوزن زائد، الغش في المعاينة الميكانيكية، التدريب من دون رخصة تعليم، القيام بحركات بهلوانية لدى قيادة الدراجات النارية، وقيادة مركبة من دون رخصة قيادة.